حوار صحيفة الاقتصادية حول اكتتاب بنك البلاد - محمد بن ابراهيم السبيعي

لقد كانت قصة تأسيس بنك البلاد مدار اهتمام الصحافة السعودية في ٢٠٠٥م، نظرًا للبعد الاقتصادي والأمني الذي صاحب ظروف التأسيس. واستطاعت جريدة الاقتصادية حينها إجراء حوار مع محمد البراهيم السبيعي؛ لمناقشة موضوعات ذات صلة بالشأن الاقتصادي، وقد منحهم السبيعي الوقت الكافي، واستقبل رئيس تحريرها آنذاك أ. عبدالوهاب الفايز ومعه الصحفي مطلق البقمي رئيس تحرير صحيفة مال الإلكترونية حاليًا. (1)

تاريخ الصرافة

  • بدأنا حديثنا مع الشيخ محمد السبيعي بسؤاله عن نظرته إلى دمج المصارف الثمانية في بنك واحد؟
  • أعتقد أن فيه مصلحة عامة مهمة، فبعد العمليات الإرهابية وما قد يعترض عمل الصرافين من مشاكل يمكن أن تستغل من قبل مديري هذه العمليات رأت الحكومة أن من الفائدة توحيد الجهود لضمان عدم الاستغلال وعرض الأمر علينا ورحبنا به، إضافة إلى أن الوضع الاقتصادي في السعودية يشجع على الاندماجات لظهور تكتلات قوية قادرة على مواجهة مثيلاتها محليًا ودوليًا.
  • ويضيف: حقيقة فكرة الاندماج أو تأسيس البنك لم تكن وليدة اليوم، بل هي قديمــة، حيث كان الملك خــالد – رحمه الله – يحفزني على تأسيس بنك ويؤكد أن ما بنيناه من اسم وسمعة طيبة كفيل بأن نحقق النجاح من خلال تأسيس بنك لكنني حقيقة لم أكن أحبذ الفكرة في ذلك الوقت واعتذرت للملك خالد عن ذلك.

المصرفي الوحيد

ويشير السبيعي إلى أنه كان في مكة المكرمة الوحيد من أهل نجد الذي يعمل في مهنة الصرافة في تلك الفترة والتي تقابل حسب وصفه نحو عام (١٣٥٠هـ/1933م) بينما البقية من أهل الحجاز. ويتذكر بعضهم وهم: الكعكي، أحمد الصيرفي، بينما كان سالم بن محفوظ يعمل لدى الكعكي وتطور عمله وأخلص لهم ولجهوده وأمانته أسسوا معه شركة باسم شركة الكعكي وبن محفوظ للصرافة ولم تكن الشركة بنكاً، إذ إن إنشاء البنوك في تلك الحقبة ممنوع، حيث لم يكن هناك سوى بنك هولندي باسم أندوشين.

وكانت البنوك في ذلك الوقت في جدة فقط، إذ لا يوجد في مكة بنك، لكن تم السماح لابن محفوظ بعد ذلك بفتح بنك من خلال حصوله على ترخيص من مؤسسة النقد العربي السعودي. ولم يكن في الرياض في تلك الحقبة بنوك كما هو متعارف عليه اليوم.

نقطة التحول

ويسترسل في ذكرياته ليصف نقطة التحول في حياته فيقول: عملت كمفتش لمدة سنتين فيما يعرف حاليًا بمصلحة الجمارك في المسيجيد (بين المدينة وينبع) وكنتُ ومَن معي نفتش القوافل لكن مديري لم يسجلني في الكشوف فلم يتم صرف رواتبي؛ ما حدا بي إلى ترك العمل والانتقال إلى مكة المكرمة والتي بدأت منها رحلتي مع التجارة والصرافة تحديدًا.

ويعلق على ذلك بأنه يحمد الله على كل شيء وعلى تركه العمل كمفتش ويقول لو سجل مديري اسمي في الكشوفات لبقيت مفتشاً طوال حياتي وما حققت هذا النجاح.

ويتذكر الصرافين الذين كانوا يزاولون مهنة الصرافة في ذلك الوقت في الرياض فيتذكر منهم: صالح الراجحي، الحقباني، عبدالعزيز المقيرن، الصانع، والشقري، ويضيف أن صالح الراجحي أرسل أخاه سليمان إلى جدة براتب (٣٠) ريالاً ليفتح فرعًا في المنطقة الغربية.

ولعل من الطريف أن سليمان الراجحي كان ينافسنا في النهار وفي الليل يسكن في بيتي لمدة عامين ونحن وهو أكثر من الإخوة، حيث كان يجمع ما لديه من أموال ويضعها في صرة نحفظها له في خزائننا، ويعلق على سؤال حول تغير أخلاقيات التجار وتعاملهم فيؤكد أن الوفي وفي، في أي عصر وزمان.

ويتذكَّر الشيخ السبيعي بداياته والمواقف التي حدثت له آنذاك ومنها أنه كان هو وعبدالعزيز المقيرن (ورثته مؤسسون لبنك البلاد) يعملان في رمضان ويستغلان ذلك الموسم الذي يشهد حضور معتمرين من مختلف دول العالم لصرف العملة لهم وكان الوقت يسرقهما حتى قبيل أذان الفجر فيحاولان تدارك نفسيهما ليتسحرا ويمسكا، وفي أحد الأيام أخذا يبحثان عمَّا يمكنهما أكله قبل الفجر؛ فلم يجدا سوى الفول والعصيدة وهي أكلات لم يكن المقيرن متعوِّدًا عليها؛ ما حدا به لرفض تناولهما وأخذ يبحث عن خبز مع كوب شاي لسد جوعه قبل الإمساك بينما نحن كنا نأكل ونتندر عليه بالضحك.

وعن البنوك الإسلامية، أبان السبيعي أنها نجحت وستنجح، مدللاً على ذلك بما حققته شركة الراجحي المصرفية للاستثمار من نجاح.

وعن أسباب تحديد رأسمال بنك البلاد الجديد بثلاثة مليارات ريال، يوضح السبيعي أنه تم من خلال دراسة تمت بين مؤسسة النقد العربي السعودي والمؤسسين، وتم الاتفاق على أن يكون البنك الجديد في متوسط البنوك القائمة وكان المطروح ثلاثة مليارات أو خمسة مليارات وتم الاتفاق على أن يبدأ بثلاثة مليارات.

ويضيف تذكره لمشواره في مهنة الصرافة ليوضح أنه كانت له تعاملات مع الحكومة وتحديداً وزارة المالية، إذ كانوا يصرفون عن طريقه رواتب موظفي وزارة المعارف، حيث يتم إيداع بعض الأموال لديه. كما يتم إيداع حسابات سرية وكان يشرف عليها وزير المالية آنذاك السليمان، يطلب منه حمل مبالغ معه تصل إلى مليون ريال أحيانًا في المشاعر المقدسة في عرفات ومزدلفة ومنى ولا يرغبون في تحويل هذه المبالغ عن طريق البنوك عند وصول الملك عبدالعزيز لتلك المواقع.

نُشِر الحوار في العدد ٤١٦٧ في ٩/٣/٢٠٠٥م بصحيفة الاقتصادية السعودية.


اضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة تتميز بـ *


يمكنك استخدام HTML وسوم واكواد : <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>