للقمم من رجال الأعمال؛ رؤى اقتصادية اكتسبوا جزءًا منها من ميدان الحياة.. وللبارزين من أهل الصناعات؛ قناعات استثمارية اكتسبوها جرَّاء عرقهم الذي سكبوه في خطوط الإنتاج..
ولعل مسيرة محمد السبيعي التي ربت على الثمانين عامًا في عالم المال والأعمال وما يُنشر عنها، تشي بتوافر مئات المواقف والحكايات، والقصص الصغيرة، المليئة بالحِكَم والأسرار، التي أطلعته على معادن الرجال وأصنافهم ومزاياهم، وخرج منها بقواعد وأسس ومقومات للنجاح الاقتصادي والتجاري من منظوره الخاص، وتبقى جميعها هدايا ثمينة لمن يدرك معناها ويستشف مراميها، ويقرأ ما بين سطورها..
ومن أبرز هذه القناعات ما يلي:
- مسؤولية رجال الأعمال في دعم اقتصاد البلاد:
أدرك السبيعي أن الاستثمارات المربحة، هي التي تسهم في زيادة الإنتاج الصناعي والزراعي للبلاد، وأن توظيف رأس المال في القطاعات الإنتاجية؛ يحقق للمستثمرين ربحًا جيدًا، كما يوفر فرص عمل عظمى للشباب، تلك الفرص التي تسد رمق الجوعى والمعوزين، وتوفر لطبقة الكادحين مصدرًا آمنًا ومستدامًا للرزق.
- التجارب مفاتيح للنجاح:
رأى محمد السبيعي – رحمه الله – أن التجارب الخاسرة، ربما تكون مقدمة ضرورية ومفتاحًا مهمًا للنجاحات العظيمة؛ إذ كان يرى دومًا بقلب مؤمن أن الثمار المرة لبعض المواقف سواء في قسوتها أم في ضخامة خسائرها المادية أحيانًا تبدو منحًا في ثوب محن، ويشعر أنها أضواء كاشفة تنير له طريقه وتبين له عدوه من صديقه، قال تعالى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ..﴾ وهذه نظرة عميقة ودالة إلى الحياة؛ فالخبرة في أحوال التجارة وتدابير أمرها عند التاجر الذكي، دائمًا ما تُستَصْحَب في رؤيته جوانب العمل التجاري برمته.
- الموازنة بين المنفعة الفردية والمسؤولية الوطنية:
رأى محمد السبيعي أن الاستثمارات التجارية يجب أن تحقق للمستثمر مصالح شخصية، وتحقق للمواطنين مصالح عامة بنسب مختلفة؛ لذا فهو يحاول جاهدًا أن يكون للمصلحة العامة نصيب وافر من استثماراته؛ لأن هذا يعود بالخير على الوطن وأبنائه.
- برُّ الوالدين من أسباب النجاح التجاري
آمن محمد السبيعي بوجوب أن يبذل رجل الأعمال لكافة الأسباب المادية الظاهرة؛ لتحقيق نجاحاته في عالم الأعمال، إلا أنه رأى أن رضاء الوالدين ودعاءهما المستمر لأبنائهما- بعد توفيق الله – عاملان مهمان في تحقيق النجاح والمجد؛ وسرُّ الفلاح في الدنيا، والنجاة في الآخرة من كثير من الكروب. واعتقد أن دعوات والدته له ولأخيه بأن يجمع الله بينهما في الخير، ورضاها عنهما.. من أهم أسباب النجاح والتوفيق الذي حالفهما في حياتهما الاجتماعية والتجارية؛ ورأيا بأم عينيهما السعادة، بركةً في صحته وماله وذريته..
- لماذا لم يستثمر السبيعي في الخارج؟
وحول رؤيته عن الاستثمار داخل أو خارج الوطن قال محمد السبيعي:
«أنا وأخي وأبناؤنا وغيرنا كثير- نفضِّل الاستثمار داخل الوطن؛ لتوفير النجاح والأمن وتشجيع الدولة وحمايتها، وكما قال الحكماء: «مال ما هوب ببلادك ليس لك ولا لأولادك..!»، وربما آخرون يرون العكس ولهم ظروف خاصة ونرجو الله أن ينجحهم ويكفيهم شرَّ الأضداد التي حصلت على المستثمرين بالخارج بأنفسهم وأموالهم كما هو معلوم وننصحهم بالاحتياطات من كل جهة والله إنه كم من رجال أعمال أجانب من عملائنا وغيرهم من خارج المملكة يرجوننا وغيرنا مساعدتهم للحصول على الجنسية السعودية بأي ثمن ويهنئوننا على ما نحن فيه من كل جهة وأنه والله بآخر شهر رمضان من هذا العام وقف عليَّ أنا وأخي عبدالله رجل ومعنا صديقنا بالحرم بمكة بعد التراويح من إحدى دول البترول غرب المملكة مندهشًا من توسعة مكة وتطورها وكذا المدينة وجدة».
- المقومات الأربع للقائد الناجح
آمن السبيعي أن مقومات الإدارة الناجحة متعددة: ومن أهمها (1)الحزم (2)المتابعة (3)الخبرة (4) عدم المجاملة .
- أهمية العلم مع العمل:
رأى محمد السبيعي أن تحصيل العلوم النافعة يفيد رجل الأعمال مهما كانت وظيفته ومكانته ونشاطاته، ويشدد دومًا على وجوب إتقان اللغة الإنجليزية لكل من يعمل في التجارة، ويروي دومًا هذا الموقف، إذ قال، رحمه الله :
«كنت والصديق عبد الله الجفالي -رحمه الله – وأولاده يعملون في بيع المشالح في الجودرية وذلك في بداية عملي في مكة المكرمة، وقد تغيّب ابنه أحمد الجفالي عن المحل لأيام عدة، ولم نكن نعرف سبب غيابه، وكنا نسأل عنه دائمًا وبعد أيام عدة، جاء أحد الشباب وهو عبد العزيز الخليفي (أحد زملائنا آنذاك)، فقال: تدرون أين كان أحمد الجفالي طوال هذه الأيام؟ قلنا لا والله ما نعرف!
فقال: إن أحمد الجفالي غاب عن السوق هذه الأيام؛ لأنه يدرس اللغة الإنجليزية مع مدرس مقابل خمسة ريالات في اليوم، وطبعًا استنكر الجميع هذا المبلغ الكبير بمقاييس ذلك الزمان، ولكن رأينا جميعًا بعد ذلك بسنوات أثر وفائدة تعلّم اللغة الإنجليزية على تجارة أخينا أحمد الجفالي..!
- متى يترك الإنسان العمل التجاري؟
رأى السبيعي أن حدود سن العمل هي(٦٠) عامًا، بعدها يبدأ الشخص المهتم بالتجارة بتخفيف العمل كي يتمتع بما وهبه الله من نعم وبنين، وقد كان يعمل في شبابه كل يوم من (١٢-١٦) ساعة تقريبًا وعندما بلغ سن الستين خفَّض ساعات عمله تدريجيًا حتى بلغت الآن من (٢- ٤) ساعات يوميًا.
- قراءة قصص الناجحين.. مهمة
رأى السبيعي أن اطلاعه على قصص نجاح المكافحين بشرف وأمانة وقصص من فشل منهم؛ ساعده -بعد توفيق الله- على تحقيق النجاح وقد كان عمه ناصر، جزاه الله الجنة، يوصيه بذلك ويؤكد عليّه بالكفاح الدائم.