إن من أهم عوامل التوفيق والسَّداد لمحمد بن إبراهيم السبيعي في حياته العملية والتجارية – رحمه الله – أنه كان يحمل، في صدره عقيدة المسلم المؤمن المحب والمطيع والمؤازر لولاة أمر المسلمين، وكان على صلة ودٍ وتقديرٍ وتعاون مع ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية، وكان محلاَّ لثقتهم على مدار العقود السبعة الماضية، وكان يجد من ملوك وحكام المملكة العربية السعودية جميعًا: (عبدالعزيز- سعود، وفيصل، وخالد، وفهد، وعبد الله)– رحمهم الله – ووجد من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – سلّمه الله – التقدير والاحترام؛ لما عرفوه عنه من الصدق في التعامل، والأمانة في أداء الواجبات، والحفظ لأسرار الدولة.
ونستعرض هنا جزءًا من المواقف والقصص التي جمعت محمد إبراهيم السبيعي بالملوك وولاة الأمر سلمهم الله:
حول شخصية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله-:
يقول محمد البراهيم السبيعي – رحمه الله: عرفت الملك سلمان منذ أن قدمت من مكة المكرمة للرياض للعيش والعمل فيها عام 1376هـ تقريبًا؛ فكان نعم الحاكم ونعم القائد، استفدنا نحن رجال الأعمال من توجيهاته وحكمته الشيء الكثير. عرفته جارًا وحاكمًا عندما كان مصرفنا القديم جوار إمارة الرياض فهو ليس بذلك الإنسان العادي، بل هو مدرسة خرّجت الآلاف في ربوع وطننا الغالي المملكة العربية السعودية وخصوصًا في مدينة الرياض.
إن حياة الملك سلمان منذ نعومة أظفاره كلها جد ونشاط وفكر وعمل، فكان ولا يزال رمز الالتزام والدقة في المواعيد، ومسؤولاً منضبطًا، قدوةً لغيره في احترام الوقت؛ فهو يباشر أعماله في الإمارة قبل الموظفين؛ إذ كان يداوم في تمام الساعة 7:30 صباحًا. لدرجةٍ أدّت إلى أننا أصبحنا في مدينة الرياض نتداول مقولة: اضبط ساعتك على مواعيد سلمان..!
في مجلس الملك خالد – رحمه الله-:
كان يحلو للسبيعي عندما يدور الحديث حول الصرافة في المملكة أن يروي موقفًا جمعه بالملك خالد بن عبدالعزيز- رحمه الله – عام 1398هـ، إذ كان- رحمه الله- حاضرًا في مجلس الملك خالد الذي اقترح عليه النظر في تحويل مؤسسة الصيرفة إلى بنك مستقل متكامل وخصوصًا أن اقتصاد المملكة كان حينها في أوج ازدهاره، ولكن كان الخير فيما اختاره الله.
تعاملاته مع الملك فهد – رحمه الله-:
ذكر السبيعي قصة بدايات علاقته مع الملك فهد -رحمه الله – حيث قال:
«تعاملت مع الملك فهد حينما كان شابًّا؛ أي قبل أن يكون وزيرًا للمعارف وكان عمره على ما أذكر25 عامًا، وكان عنده مريض يهمه أمره ويريد الملك تحمّل مصاريف علاجه في المستشفى اللبناني بجدة وعلى وجه السرعة، ولم يكن عند الملك فهد في تلك اللحظة ما يكفي لعلاجه، فحصل بيني وبين الملك تواصل حول الموضوع ولم أتردد في صرف المبلغ من أجل علاج ذلك الشخص وكانت القيمة (450) ألفًا وبعد فترة وجيزة أعاد الملك فهد المبلغ، ولم ينس لي – رحمه الله – هذا الموقف».
كما روي السبيعي، موقفًا آخر مؤثرًا بينه وبين الملك فهد – رحمهما الله – فقال:
«كانت لنا أرض في المنطقة الشرقية مع شركاء آخرين وهم: ابن مزروع، والراشد، والعريفي، وكان لنا فيها أسهم قليلة واشترتها منهم رعاية الشباب بمبلغ كبير، وكان الملك فهد وقتها وليًّا للعهد؛ فقرَّر كبار المساهمين أن حلَّ قضية الأرض لا يأتي إلا عن طريق (السبيعي) لعلاقته الطيبة مع أسرة آل سعود؛ خاصة مع الملك فهد، فجاء من الدمام كل من ابن مزروع والراشد والعريفي طالبين أن أساعدهم في ذلك، وكان الملك فهد عنده عشاء كل ليلة للمواطنين؛ فذهبت لمجلسه وقابلته وحدثته بقصة الأرض من جميع تفاصيلها فقال الملك فهد: أنت يا السبيعي ثقة وتعاملنا معك كثير، وأبشر إن شاء الله يوصلكم حقكم، وبعد خمسة أيام فقط ذهبت ووجدت شيكًا جاهزًا بمبلغ 200 مليون ريال».
وأضاف محمد السبيعي عن الملك فهد – رحمهما الله – قائلاً:
«كنا إذا ذهبنا إلى مجلس الملك فهد يوصينا دائمًا بتقوى الله، ثمَّ بتطوير الأعمال وتحسينها». وتذكَّر السبيعي بعض كلمات الملك فهد بن عبد العزيز-رحمه الله – ومنها قوله: «أنتم أنتجوا وحِنَّا مستعدين ندعمكم ونعطيكم القروض شريطة أن تكون مدروسة ومضمونة تنفع البلاد والمواطنين وعامة المسلمين)».
– قصة مع الأمير سلطان بن عبد العزيز – رحمه الله -:
يروي الأستاذ: منيع محمد الخليوي موقفًا حدث بين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وبين محمد بن إبراهيم السبيعي -رحمهما الله- فيقول: كنت ممن يعمل في مكتب صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، ولي العهد، ووزير الدفاع الأسبق-رحمه الله- وكنت أشاهد العم محمد السبيعي يحضر إلى مجلس ومكتب سمو الأمير وكانت بينهما علاقة ود ومحبة، يقول: أذكر أنه في أحد مجالس سمو الأمير سلطان دخل علينا العم محمد السبيعي، وقبل السلام قال له سمو الأمير:
«أدري يا السبيعي أنك جاي تبي الدراهم 250 ألف ما عندي لك شيء وسموه يضحك، رحمه الله»، قالها من باب المداعبة والأنس الموجود بين سمو الأمير والعم محمد السبيعي، وكان سموه يكرر تلك الكلمات في كل زيارة يقوم بها العم محمد السبيعي لسموه ويضيف الخليوي: ومرة سألتُ سمو الأمير ما قصة الـ 250 ألف؟ فقال الأمير سلطان- رحمه الله -: «حينما كنت أعمل في إمارة الرياض عام 1947م رغبت بأن أقوم برحلة قنص، ولم يكن معي ما يكفي من المال اللازم لتوفير متطلبات الرحلة وأرسلت إلى محمد السبيعي أطلب إليه سلفة وبالفعل قدَّم لي السبيعي المبلغ 250 ألف ريال واشتريت بها: (ستة وَنْيتَات فورد وخيام وطيورًا ومستلزمات رحلة القنص)، وذهبنا لمدة شهر أو أكثر وكانت من أفضل الرحلات البرية التي لا تُنسى وقام مكتبنا بمتابعة سداد القرض للشيخ محمد السبيعي».
يُذكر أن هذه التعاملات المالية المباشرة كانت بمثابة الاقتراض من البنوك حاليًا، وهي تنم عن ثقة الطرفين في بعضهما، وعادة ما تسوى هذه المبالغ نهاية العام بين الطرفين.