تأسيس بنك البلاد وشركة ماسك - محمد بن ابراهيم السبيعي

انطلاقة بنك البلاد

كانت المرة الأولى التي فكر فيها السبيعي بتأسيس بنك اسلامي متكامل حينما اقترح عليه الملك خالد بن عبد العزيز عام (1398هـ/1978م) فكرة تحويل مؤسسة محمد وعبد الله السبيعي للصرافة إلى بنك مستقل ومتكامل وحديث يوازي  تطور العمل التجاري والمصرفي في المملكة، وظلت هذه الفكرة الخلاقة تنضج وتكبر وتتبلور في ذهن محمد السبيعي حتى حانت الفرصة وجاء التوقيت المناسب لتنفيذها.

وقد شكَّلت شركة السبيعي للصرافة الدخول الرسمي في قطاع الخدمات المالية في أوائل القرن الحادي والعشرين، ثم نمت الشركة حتى باتت واحدة من أكبر 50 شركة في المملكة. وتشمل استثماراتها حاليًا الخدمات المالية والعقارات والزراعة (تربية الأحياء المائية)، والتصنيع والأنشطة الصناعية وتجارة التجزئة، وعند ذلك كانت اللحظة مواتية لتطبيق فكرة تأسيس بنك البلاد الذي يعد أحد أكبر البنوك الإسلامية في المملكة العربية السعودية؛ ساعد على ذلك، متانة الوضع الاقتصادي في المملكة، المشجع على الاندماجات والتكتلات القوية الاقتصادية القادرة على مواجهة مثيلاتها محليًّا ودوليًّا.

وروى محمد البراهيم السبيعي، عن فكرة إنشاء بنك البلاد وأسبابها في ذلك الوقت بالتحديد، فقال، رحمه الله:

«بعد العمليات الإرهابية التي وقعت في المملكة (1424هـ/2004م)، ونظرًا لما قد يعترض عمل الصرافين من مشكلات، يمكن أن تستغل من قبل مدبري هذه العمليات؛ رأت الحكومة أن من الفائدة توحيد جهود ونشاطات الصرافة في بنك حديث لضمان عدم الاستغلال، وعرض الأمر علينا ورحبنا به، إضافة إلى أن الوضع الاقتصادي في السعودية كان يشجع على الاندماجات؛ لتظهر تكتلات قوية قادرة على مواجهة مثيلاتها محليًّا ودوليًّا، وبعدها قامت مؤسسة النقد العربي السعودي بتقييم الصرافين الموجودين آن ذاك وهم ثمانية, ووحدوهم في بنك البلاد كل بحسب نسبته ورأسماله وعمله، ومؤسسة النقد أتاحت الفرصة لجميع الصرافين للدخول في تأسيس البنك، بعضهم وافق وبعضهم الآخر رفض ووقَّع العقد ممثلو المؤسسات الثماني وهي: شركة محمد وعبد الله البراهيم السبيعي للصرافة، التي ستمتلك 42% من رأس المال المخصص للمؤسسين؛ وورثة عبد العزيز بن سليمان المقيرن ستكون لهم حصة تزيد عن 17%، ومؤسسة الراجحي للتجارة نحو 14%؛ ومؤسسة الراجحي التجارية للصيرفة حوالي 13%؛ ومؤسسة محمد صالح صيرفي 5%؛ وشركة يوسف عبد الوهاب نعمة الله للصرافة (إنجاز للصرافة) 3%؛ ومؤسسة عبد المحسن صالح العمري نحو1%؛ وشركة علي هزاع وشركاه للتجارة العامة والصيرفة 0.5 %، على أن يسدد المؤسسون جميع حصصهم نقديًا، وقد جاء التوقيع على عقد التأسيس تنفيذًا لقرار صادر من مجلس الوزراء بدمج نشاط الصرافين الثمانية في شركة مصرفية واحدة، وإيقاف نشاطهم السابق بعد إعلان تأسيس البنك الجديد.

وفي 21/9/1425 هـ الموافق 4 نوفمبر 2004 م، وبموجب المرسوم الملكي/48 م وبرأس مال 5 مليارات ريال سعودي، تم تأسيس بنك البلاد شركةً سعوديةً مساهمةً. وفي يوم الأحد 1426/11/10 الموافق 11 ديسمبر2005م كان الافتتاح الرسمي لبنك البلاد تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز- حفظه الله – حينما كان أميرًا لمنطقة الرياض (آنذاك)».

ومن المواقف التي تدل على قوة عزيمة محمد السبيعي، رحمه الله، أنه – على الرغم من تقدمه في السن وظروفه الصحية – أصرّ على حضور أول اجتماع لمجلس إدارة بنك البلاد في(9 ربيع الأول 1426هـ الموافق17 أبريل2005م)، وعندما بدأ الاجتماع؛ طلب السماح له بإلقاء كلمة فتلا آيات من القرآن الكريم، ثم قال:

«إخواني وأبنائي: أنتم أمام مسؤولية عظيمة أعانكم الله على حملها، ثم أضاف: ثمانية ملايين مكتتب سوف يدعون لكم أو يدعون عليكم..؛ فاتقوا الله في هذه الأمانة وكونوا أهلاً لها، وأعرف أن الحمل ثقيل، ولكن الرجال لا ينوء بهم ثقل الأحمال».

ثم استأذن بالانصراف. ورغم كل ما حققه محمد السبيعي من نجاحات إلا أنه يرى أن الثراء الحقيقي.. يكمن في السُمعة الطيبة والعمل الصالح.

تأسيس شركة ماسك (1433هـ/2013م):

في مطلع القرن الواحد والعشرين، سعت عائلة السبيعي إلى التحول من الجيل المؤسس إلى الجيل الثاني. واتبعت في هذا الخصوص نهجًا يعزِّز محفظتها الاستثمارية جنبًا إلى جنب مع الحفاظ على قيمها الأصيلة التي جعلت منها وجهة يقصدها الكثير من المستثمرين في المملكة وفي المنطقة عمومًا؛  حيث قرَّر محمد السبيعي وأخوه عبدالله عام (1430هـ/2011م) الإشراف على قيام أبنائهما بتقسيم الثروة والممتلكات والأسهم والعقارات، التي كانت ملكيتها القانونية مشتركة ومتداخلة بين الشقيقين طوال مسيرتهما التجارية المشتركة التي ناهزت الثمانين عامًا تقريبًا.

وقد كلف محمد السبيعي ابنه (ناصر) بتمثيله في إجراءات الفصل والتقسيم, وأوصاه وشدَّد عليه بالتسامح واللين، وطالبه بالحرص على حفظ حقوق الأخوة واستدامة المحبة مع العم وأبنائه. وقد قام الأبناء بإجراءات التقسيم بطريقة أخوية ملؤها الثقة والمحبة, وعنوانها الوفاء والإيثار، وانتهوا من إجراءات القسمة في شهور قليلة معدودة دونما حاجة إلى تحكيم أو قضاء أو ما شابه، وقد رويتْ هذه القصة كاملة في كتاب:(محمد إبراهيم السبيعي ..رحلة الفقر والغنى).

وبعد انتهاء التقسيم؛ اتخذ السبيعي قرارًا آخر بإنشاء شركة استثمارية تمتاز بالإدارة المهنية باسم:

شركة محمد بن إبراهيم السبيعي وأولاده للاستثمار(ماسك)، عام(1430هـ/2011م)، شركةً استثماريةً مهنيةً وأبقت على تمسكها بقيمها العائلية العريقة وفي مقدمتها الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية. وقد ركزت على البحث عن الفرص الاستثمارية الجديدة في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية من أجل تحقيق النمو الأمثل. واستعانت بخدمات كبريات الشركات العالمية في مجال الاستشارات الاستراتيجية لمساعدتها في هذا التحول.